كثير من الرجال الذين يعانون من تضخم البروستاتا الحميد لا يعانون من أعراض ذلك التضخم بما يكفي لبداية استخدام ادوية تضخم البروستاتا أو حتى التدخل الجراحي مثل عملية تجريف البروستات. يجب تقييم جميع الرجال الذين يعانون من البروستاتا الكبيرة بشكل رسمي قبل أي تحديد للعلاج من أجل معرفة شدة الأعراض والتمييز بين الرجال الذين يعانون من البروستاتا الكبيرة غير المؤثرة (الغالبية) والمؤثرة. و ذلك يعني أن مرض تضخم البروستات قد لا ينتج عنه أعراض شديدة و قد تبقى الأعراض الخفيفة مستقرة لسنوات دون الحاجة لعلاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية و لكن طبعاً مع المتابعة بالفحص أو التحاليل أو الصور بشكل منتظم.
أما في حال وجود أعراض متوسطة أو شديدة، دون وجود مضاعفات تضخم البروستات الحميد، فمن الأفضل البدء في علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية و ذلك لتجنب المشاكل او المضاعفات التي قد تنتج عن الانسداد المزمن المصاحب لتضخم البروستات الحميد. و في هذا المقال سنستعرض ادوية تضخم البروستاتا (علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية) و ليس العلاج بالأعشاب أو المكملات الغذائية.
مستقبلات 1-ألفا الأدرينالية و هي فئة من المستقبلات الأدرينالية الموزعة في جميع أنحاء جسم الإنسان و المسؤولة عن استقبال الإشارات من الأعصاب لإحداث انقباض في العضلات اللاإرادية في مختلف أعضاء وأنسجة الجسم و من هذه الأعضاء الحالب والمثانة و عنق المثانة و البروستات و الحبال المَنَوِيّة بالاضافة للقلب و الشرايين و الجهاز الهضمي و العيون و الجهاز العصبي وغيره. و يوجد عدة أنواع من المستقبلات الأدرينالية أمّا نوع المستقبلات الأدرينالية الموجودة في البروستات و المثانة و عنق المثانة و أيضاً في الحالبين فيسمى مستقبِل 1-ألفا و النوع الفَعَّال من هذه المستقبلات في المسالك البولية هو مستقبل 1-ألفا-A.
ينحصر عمل الأدوية حاصرات 1-ألفا على المسالك البولية لذلك فهي لا تُسْتخدم تقريباً إلا لهذا الدور و تكون الأعراض الجانبية لهذه الأدوية مرتبطاً بمفعولها على المسالك البولية أو بمفعولها على سائر أعضاء الجسم و بذلك يكون الهدف من استخدام حاصرات 1-ألفا هو تثبيط تأثير السيالات العصبية أو الإشارات الهرمونية على خلايا العضلات الملساء في البروستاتا و الإحليل أو عنق المثانة وبالتالي تقليل التوتر (الشَّد) في هذه الأماكن مما يؤدي لارتخائها وتحسين تفريغ المثانة.
تعمل مستقبلات 1-ألفا الموجودة خارج المسالك البولية على إحداث بعض الأعراض الجانبية الناتجة عن علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية حاصرات 1-ألفا، هذا بالإضافة لوجود الأنواع الأخرى من مستقبلات 1-ألفا (و هي 1-ألفا-B و 1-ألفا-D) في المسالك البولية تشارك أيضا في حدوث الأعراض الجانبية الناتجة عن هذه الأدوية.
أمَّا بالنسبة للفاعلية في السيطرة على الأعراض فقد أوضحت الدراسات التي قامت بمقارنات بين ادوية تضخم البروستاتا و تحديداً في علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية حاصرات 1-ألفا أن جميع حاصرات 1-ألفا لها فعالية مماثلة تقريباً عند استخدام الجرعات المناسبة لكل واحد منها و تستغرق التأثيرات السريرية المرغوب بها بضعة أسابيع لتكتمل، ولكن تبدأ فعالية الأدوية المباشرة في غضون ساعات و عادةً ما تتراوح نسبة التحسن في أعراض تضخم البروستات بين 30-50% عند استخدام أحد هذه الأدوية في علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية ويجدر الذكر هنا أن فاعلية العلاج قد تتأثر بحجم غدة البروستات و هي ذات فاعلية أعلى عندما يكون حجم البروستات المتضخمة أصغر و نُضيف على ذلك أن الأدوية حاصرات 1-ألفا لا تقلل من حجم البروستات و لا تمنع حدوث حصر البول الحاد على المدى البعيد
تعتبر الأدوية حاصرات 1-ألفا بشكل عام من الأدوية قليلة الأعراض الجانبية و بالإمكان البقاء عليها لسنوات طويلة دون حدوث مشاكل كبيرة و من أعراضها الأكثر انتشاراً هي الشعور بالضعف العام و الدوخة و انخفاض الضغط خاصةً عند الوقوف، أما الأعراض الجانبية القليلة الحدوث و التي من الممكن أن تكون خطيرة هي تأثير هذه الأدوية على العيون؛ فهي معروفة بحدوث ما يسمى بمتلازمة القزحية المرنة خلال إجراء عمليات العيون مثل جراحات إعتام عدسة العين لذلك يجب إخبار طبيب العيون عن هذه الأدوية قبل العملية. أما عن تأثير الأدوية حاصرات 1-ألفا على الرغبة الجنسية و ضعف الانتصاب فهي لا تؤثر عليها و على العكس تماماً فإنها قد تُحَسِّن من القدرة على الانتصاب لكنها قد تؤثر على عملية قذف السائل المَنَوي حيث أنها تعمل على إرخاء العضلات الملساء في الحبال المَنَوية و عنق المثانة و ينتج عن عدم خروج السائل المنوي عند نسبة من المرضى الخاضعين لعلاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية حاصرات 1-ألفا و هذه الظاهرة يسميها البعض بالقذف الراجع و لكنه اسم غير دقيق
و من الأمثلة على ادوية تضخم البروستاتا حاصرات 1-ألفا شائعة الاستخدام في علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية في الأردن التالي:
و هذا العلاج هو من حاصرات 1-ألفا الخاصة بالمسالك البولية و قد يكون الوحيد في الأردن الذي يحصر النوع 1-ألفا-A وهو المستقبل الأعلى فعالية، لذلك يختار العديد من الأطباء العلاج ب التامسولوسين (Tamsulosin) لمرضاهم. لكن الفاعلية الأعلى المتوقعة قد ينتج عنها مضاعفات أعلى تتعلق بالمفعول الأقوى في حصر المستقبل 1-ألفا-A مثل مشكلة عدم خروج السائل المنوي، فمن المعروف أن هذه المشكلة تزداد كلما كان العلاج أقوى في المفعول و هذا تماماً ما يحصل مع العلاج ب التامسولوسين (Tamsulosin) المعروف لدى الكثير من الناس بإسم Omnic، لكن تم التخفيف من هذه المشكلة بتصنيع العلاج بطريقة تجعل امتصاصه بطيئاً في الجِسم. و من الجدير بالذكر أيضاً أن علاج التامسولوسين (Tamsulosin) المعروف لدى الكثير من الناس بإسم Omnic لديه مفعول على مستقبل آخر و هو 1-ألفا-B و الذي عند تثبيطه يرخي المثانة بشكل خفيف مما يؤدي إلى تخفيف أعراض تضخم البروستات بشكل إضافي. أما الأعراض الجانبية التي قد تنتج عن مفعول العلاج على أعضاء الجسم الأخرى فهي أقل في هذا النوع من الأدوية مثل الضعف العام و الشعور بالارهاق و انخفاض ضغط الدم والسبب كما ذكرنا سابقاً هو فاعلية هذا العلاج المنحصرة تقريباً في المسالك البولية فقط. هذا بالإضافة لمفعول الأدوية حاصرات 1-ألفا و استخدامها في حصى الحالب و مع تفتيت حصى الكلى بالموجات الصادمة
و هو من حاصرات 1-ألفا الخاصة بالمسالك البولية و لكن عمله ليس خاصاً بمستقبل 1-ألفا-A لذلك فإن الأعراض الجانبية فيه و التي تنتج عن قوة مفعول العلاج تكون أقل عند استخدامه كعلاج لتضخم البروستات الحميد بالأدوية وهذه الأعراض الأقل تشتمل على انعدام خروج السائل المَنوي و متلازمة القزحية المرنة أثناء جراحة العين و هذا يجعل دواء الألفيوزوسين (Alfuzosin) أو Xatral بديلاً جيداً لمن يحصل لديهم مضاعفات من التامسولوسين (Tamsulosin) أو Omnic.
يُعتبر من حاصرات 1-ألفا العامة فهو يمنع مستقبلات 1-ألفا ككل دون خصوصية للمستقبِل الأهم و هو 1-ألفا-A لذلك فإن أعراضه الجانبية خارج المسالك البولية أكثر و من هذه الآثار الجانبية هو انخفاض ضغط الدم خصوصاً عند الوقوف و خفقان القلب و القُساح (الانتصاب لفترة طويلة) أو ما يعرف بمرض (برايابيزم Priapism) حيث ذكرنا أنّ علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية حاصرات 1-ألفا قد تؤدي إلى تحسين القدرة على الانتصاب لكن إذا زاد ذلك عن حده فيمكن أن يتحول لحالة مرضية و يمكن تجنب هذه المشكلة بأخذ حاصر 1-ألفا الخاص بالنوع 1-ألفا-A و هو التامسولوسين (Tamsulosin) و الإسم التجاري الأجنبي له هو الأومنِك (OmnicTM)، هذا بالاضافة لأعراض أخرى مشتركة مع الباقي مثل الشعور بالضعف العام أو الإرهاق و انعدام القذف و غيرها.
في النهاية يجب التنويه أن جميع أدوية حاصرات 1-ألفا المستخدمة في علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية تتشارك بفَعاليَّة سريرية متقاربة جداً و أنها إنَّما تختلف في درجات و حدة الآثار الجانبية و هي خط العلاج الأول في أعراض تضخم البروستات الحميد.
الهرمون الذكري أو التستوستيرون هو هرمون الذكورة الأساسي و الذي يلعب دورًا رئيسيًا في نمو الأنسجة التناسلية الذكرية مثل الخصيتين والبروستاتا فضلاً عن تعزيز الخصائص الجنسية الثانوية مثل زيادة كتلة العضلات والعظام ونمو شعر الجسم، لكن بعض أنسجة الجسم تقوم بتحويل الهرمون الذكري التستوستيرون إلى شكل آخر و أقوى من ناحية الفاعلية بأضعاف و هذا الشكل إسمه ديهدروتستوسترون و يختصر ب(DHT) و الإنزيم الذي يقوم بعملية التحويل هذه (اختزال الهرمون الذكري التستوستيرون) موجود في أنسجة غدة البروستاتا والحويصلات المنوية والبربخ والجلد وبصيلات الشعر والكبد والدماغ، كما و يوجد من هذا الإنزيم نوعان؛ النوع الأول يتركز أكثر في الأعضاء غير غدة البروستات أما النوع الثاني فهو الرئيسي في غدة البروستات. إذا فهذه المجموعة من الأدوية تعمل على إيقاف مفعول هرمون الديهدروتستوستيرون عن طريق تثبيط الإنزيم الذي ينتجه و بذلك تؤدي الى ايقاف نمو البروستاتا و انكماشها.
تُستخدم مثبطات اختزال الهرمون الذكري كأحد ادوية تضخم البروستاتا الحميد كوسيلة لجعل حجم غدة البروستات أصغر و بالتالي قد يساعد في السيطرة على الأعراض، خاصة إذا تم استخدامها مع الأدوية حاصرات 1-ألفا، مع أن المعروف أن الأعراض لا تتناسب طردياً مع حجم البروستات دائماً
تتوفر مثبطات اختزال الهرمون الذكري التستوستيرون في شكلين رئيسيين للاستخدام السريري و هما الفيناسترايد و الدوتاستيريد؛ حيث يعمل الفيناسترايد على تثبيط الإنزيم من النوع الثاني فقط وهو النوع الموجود بكثرة في غدة البروستات، أما الدوتاستيريد فيقوم بتثبيط النوعين من الإنزيم معاً و كلا العلاجين يؤدي الى ضمور غدة البروستات و إلى تصغير حجم البروستاتا بحوالي 18-28٪ وانخفاض في مستويات المستضد البروستاتي النوعي بحوالي 50٪ بعد ستة إلى اثني عشر شهرًا من العلاج. وبالنسبة لفعالية العلاجين فقد أشارت دراسات المقارنة إلى أن دوتاستيريد وفيناسترايد لهما نفس القدر من الفعالية في علاج أعراض تضخم البروستات و أن العلاج بأحد هذين الشكلين من الأدوية يمكن أن يغير يَحُد من تسارع أعراض تضخم البروستات من خلال تقليل مخاطر حصول حصر البول الحاد والحاجة إلى التدخل الجراحي. لكن تبقى مشكلة الأعراض الجانبية الناتجة عن أثر هذه الأدوية على الهرمون الذكري و هي ضعف الانتصاب وانخفاض الرغبة الجنسية واضطرابات القذف و التثدي، و نادراً متلازمة ما بعد فيناسترايد؛ وهي حصول الآثار الجانبية الجنسية (أي انخفاض الرغبة الجنسية ، ضعف الإنتصاب ، قلة الإثارة وصعوبة الوصول إلى النشوة الجنسية) ، الاكتئاب والقلق ومشاكل في الإدراك و التي قد تستمر حتى بعد إيقاف العلاج
لقد ثبت أن هذه الادوية لا تحسن ضعف الانتصاب فحسب، بل هي أيضًا علاج فعال لأعراض تضخم البروستات و بناءاً على الدراسات التي أجريت على هذه الأدوية في مجال تضخم البروستات الحميد تمت اعتماد علاج تادالافيل 5 مجم يوميًا ، نظرًا لعمره النصفي الأطول ، لأعراض تضخم البروستات عند الرجال
تتنوع ادوية تضخم البروستاتا؛ حيث في حين أنَّ العلاج بالأدوية حاصرات 1-ألفا يساعد على السيطرة على الأعراض بشكل أساسي و يعتبر الخيار الأول لكن الأدوية حاصرات 1-ألفا لا تقلل من احتمالات حدوث حصر البول و لا تقلل من احتمالات الحاجة لإجراء العمليات، أما علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية مثبطات اختزال الهرمون الذكري التستوستيرون فيقلل من حجم غدة البروستات و يقلل من احتمالات حصر البول و العمليات لكن على حساب وجود مضاعفات غير مرغوب بها؛ وثبت علمياً فعالية استخدام أدوية الانتصاب (التادالافيل تحديداً) كجزء من علاج تضخم البروستات الحميد بالأدوية؛ هذا بالإضافة لوجود أدوية أخرى تساعد في حل بعض المشكلات التي قد تصاحب تضخم البروستات الحميد مثل الأدوية التي تحد من الإدرار ليلاً و أدوية السلس البولي و غيرها. لذلك فمن الأفضل زيارة طبيب مختص في جراحة مسالك البولية و مناقشة العلاج سواءاً بالأدوية أو بالجراحة
Gacci M, Corona G, Salvi M, et al. A systematic review and meta-analysis on the use of phosphodiesterase 5 inhibitors alone or in combination with α-blockers for lower urinary tract symptoms due to benign prostatic hyperplasia. Eur Urol. 2012;61(5):994-1003. doi:10.1016/j.eururo.2012.02.033.