ذكرنا سابقاً في موضوع سرطان البروستات و المسببات للسرطان أنَّ تاريخ العائلة أو ما يعرف بسرطان البروستات الوراثي (تحديداً الجينات في سرطان البروستات) يعتبر حالياً من أهم العوامل المسببة للمرض و المؤثرة في سلوك المرض من ناحية القدرة على الانتشار والتطور للسرطان.
في هذا المقال سنتحدث عن فحص الجينات للكشف عن سرطان البروستات وأهمية في تقييم المخاطر و رسم الخطة العلاجية لمصاب سرطان البروستات.
لكي نفهم أهمية فحص الجينات للكشف عن سرطان البروستات نبدأ بالسؤال الابتدائي وهو؛ ما هو الجين؟
الجين هو الوحدة الفيزيائية والوظيفية الأساسية للوراثة و تتكون الجينات من الحمض النووي. تعمل بعض الجينات كشيفرة لإعطاء ترميز (تعليمات و أوامر) لصنع جزيئات تسمى بروتينات لكن بالمقابل فإن العديد من الجينات لا ترمز للبروتينات.
كل شخص لديه نسختان من كل جين؛ واحدة موروثة من كل والد؛ و معظم الجينات متشابهة لدى جميع الأشخاص ، لكن عددًا صغيرًا من الجينات (أقل من 1٪ من الإجمالي) يختلف قليلاً بين الأشخاص. أما الأَلِّيلات (مفردها ألِّيلْ (وراثة)) فهي أشكال من نفس الجين مع اختلافات صغيرة في تسلسل قواعد الحمض النووي الخاصة بهم؛ حيث تساهم هذه الاختلافات الصغيرة في السمات الجسدية الفريدة لكل شخص.
عندما يحدث خلل في تسلسل الحمض النووي في جين معين فإن هذا الخلل يسمى طفرة؛ ويمكن أن تنتج الطفرات عن أخطاء في تكرار الحمض النووي أثناء انقسام الخلية، أو التعرض لمواد كيميائية او اشعاعية ضارة أو عدوى فيروسية. وهذه الطفرات قد تحصل في الشخص نفسه و من ثم تبدأ بالانتقال للأطفال و قد تكون حصلت في أجيال سابقة و وصلتنا على شكل جينات مسببة للأمراض؛ لكن هنالك أنواع من الطفرات التي لا تنتقل للأطفال.
تنتقل الجينات المسببة لمرض معين في العائلات؛ و من بين جميع السرطانات الرئيسية، فإن سرطان البروستات هو الأكثر تواجداً من الناحية الوراثية حيث يكون 58٪ (أكثر من نصف الحالات) من سرطان البروستات ناتج عن عوامل وراثية (أي جينات سرطان البروستات) و التي تصاحب عوامل أخرى. و هذا يعني أن الرجال الذين لديهم قريب مصاب بسرطان البروستات قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض بمقدار الضعف، في حين أن أولئك الذين لديهم قريبَيْن أو أكثر قد يكونون أكثر عرضة للتشخيص بأربعة أضعاف و يكون الخطر أكبر إذا تم تشخيص أفراد الأسرة المصابين قبل سن الستين. و إذا أخذنا بعين الإعتبار وجود سرطانات أخرى في العائلة فإن فحص الجينات في سرطان البروستات قد يصبح مهماً أيضاً عند وجود تاريخ مرضي في العائلة بسرطانات أخرى مثل سرطان الثدي أو سرطان المبيض أو سرطان القولون أو سرطان البنكرياس.
ومن المهم فهم الفرق بين اختبار الجينات الذي يتم إجراؤه على الورم بعد استئصال البروستات اوبعد خزعة البروستات و فحص الجينات الخاصة بسرطان البروستات الذي يتم إجراؤه على الدم أو اللعاب ويحدد الطفرات الموروثة عبر الأجيال.
يُعتقد أن ما يقرب من 5-10% من حالات سرطان البروستات المبكر (المتموضع غير المنتشر) ناتجة عن طفرة جينية موروثة و تصل الى 12-17% من حالات سرطان البروستات المنتشر؛ يعد سرطان البروستات الوراثي أكثر عدوانية بشكل عام من أنواع السرطان غير الوراثي، مما يعني أن الاكتشاف المبكر يمكن أن ينقذ الحياة لدى الحاملين لهذه الجينات، لذلك فإن استخدام فحص الجينات في سرطان البروستات؛ تحديداً في الكشف المبكر عن السرطان؛ يتزايد بشكل ملحوظ على مستوى العالم مع أنه ما زال لم يعتمد بشكل روتيني.
إذاً بالنسبة للرجال المصابين بسرطان البروستات في مراحله المبكرة أو سرطان البروستات المتموضع، يوصى بإجراء فحص الجينات عندما يكون من المحتمل أن يؤثر على العلاج أو للتأكد من عدم وجود مخاطر لسرطانات أخرى مرتبطة بالجينات في سرطان البروستات أو المخاطر المحتملة لأفراد الأسرة، أقارب المصاب بورم البروستات المبكر؛ و يكون فحص الجينات في سرطان البروستات هاماً بشكل خاص اذا كان المصاب بسرطان البروستات المبكر لديه تاريخ عائلي بوجود سرطان البروستات أو سرطانات أخرى في الأقارب.
أمَّا في حالة الرجال المصابين المصابين بسرطان البروستات النقيلي (المنتشر) أو سرطان البروستات عالي الخطورة فإن فحص الجينات الخاص بسرطان البروستات يجب إجراؤه بغض النظر عن التاريخ العائلي بالأورام والسبب هو وجود علاجات خاصة في حال وجود جينات معينة، و هذه العلاجات لها فاعلية أعلى و أعراض جانبية أقل من العلاجات العامة في علاج سرطان البروستات عالي الخطورة أو المنتشر؛ هذا بالإضافة الى أن من المستحب أن يقوم أقارب المصاب بإجراء فحص الجينات سواءاً للبروستات أو لأورام أخرى مثل متلازمة سرطان الثدي و المبيض عند الأقارب الإناث.
هنا يُنصح بفحص الجينات في سرطان البروستات أيضًا للرجال الذين لديهم تاريخ شخصي للإصابة بسرطان الثدي عند الرجال أو تاريخ عائلي إيجابي للإصابة المبكرة بسرطان الثدي أو القولون والمستقيم أو سرطان بطانة الرحم، خاصة بعمر 50 عامًا أو أقل؛ وسرطان المبيض أو البنكرياس على أي عمر؛ وسرطان البروستات على عمر 60 سنة او أقل؛ أو الموت بسرطان البروستات عند أحد الأقارب؛ والسرطانات المرتبطة بمتلازمة لينش، خاصة إذا تم تشخيصه بعمر أقل من 50 عامًا.
يحتوي سرطان البروستات على عامل وراثي قوي ويعتبر فحص الجينات في سرطان البروستات، لتحديد الجينات المسببة (الطفرات) في سرطان البروستات، ذا قيمة في توجيه قرارات العلاج للرجال المصابين بسرطان البروستات والعمل على الوقاية من السرطان بالإضافة لإعطاء توجيهات للكشف المبكر لأقاربهم المباشرين بالدم.
استشاري جراحة الكلى والمسالك البولية وامراض الذكورة والعقم، عضو الزمالة الأمريكية لجراحة المناظير والحصى والليزر
العنوان:-
الاردن – عمان – شارع مي زيادة – مستشفى فرح – الطابق الأول عيادة رقم 108
رقم الهاتف
962798278273779
البريد الالكتروني
[email protected]